أظهرت العديد من الدراسات العلمية أن الصيام، قد يلعب دوراً فى محاربة الأمراض المزمنة. وقد نشرت "الدورية الأمريكية لعلم التغذية السريرى"، والصادرة عن الجمعية الأمريكية للتغذية، مقالة علمية تناولت استعراض نتائج تجارب أجريت على الثدييات والبشر، والتى كشفت عن دور الصوم المتقطع، فى خفض مخاطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، كداء السكرى، وأمراض القلب والشرايين.
ووفقاً للمقالة تبين أن الصوم المتقطع ساعد على زيادة استجابة خلايا الجسم لهرمون الأنسولين، حيث عمل على تحفيز التقاط الخلايا لجزئيات الأنسولين، بعد مرور ثلاثة أسابيع على صيام الفرد، لتدعم بذلك نتائج دراسات سابقة أجريت فى هذا المجال، والتى أكدت أن هذا النوع من الصيام يزيد من حساسية الجسم لهرمون الأنسولين، مما قد يسهم فى التقليل من مخاطر الإصابة بداء السكرى عند الأفراد.
كما أشارت دراسة نشرت فى دورية الجمعية الأمريكية لعلوم الحيوان إلى أن الصوم المتقطع أدى إلى زيادة فعالية اثنين من مستقبلات هرمون "الأديبونيسيتين"، الذى يسهم فى تنظيم استهلاك الجسم لسكر الجلوكوز والأحماض الدهنية عند الثدييات، علاوة على لعب دورٍ فى زيادة استجابة الأنسجة لهرمون الأنسولين الذى ينظم عمليات البناء والهدم للجلوكوز فى الجسم.
وفى السياق نفسه كشفت دراسة أعدها مختصون فى مجال التغذية، ونشرتها الدورية البريطانية للتغذية، والتى استهدفت مجموعة من الصائمين خلال شهر رمضان، عن أن تغيير مواقيت الوجبات، وخفض عددها إلى اثنتين فى رمضان، ساعد على زيادة استجابة الجسم لهرمون الأنسولين، وذلك بالنسبة الأفراد الذين يمتلكون عوامل خطورة للإصابة بداء السكرى.
أما فيما يختص بالصحة القلبية أبرزت البحوث الطبية ارتباط الصيام، بعوامل وقاية من أمراض القلب والشرايين، حيث كشفت دراسات استهدفت أفراداً من البشر، عن دور الصوم، فى زيادة تركيز الكولسترول الحميد (HDL ) عند الأشخاص الأصحاء، وخفض مستوى الدهنيات الثلاثية التى ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، الأمر الذى أرجع المختصون أسبابه إلى انخفاض كتلة الجسم، وتراجع كميات الدهون فيه نتيجة للصيام، بحسب توقعاتهم.
الصوم ومقاومة الأورام السرطانية
وفى مجال محاربة الأورام السرطانية أكدت البحوث الطبية دور الصيام فى زيادة مقاومة الجسم للخلايا السرطانية، مبرزة ارتباط هذا النظام للصيام، بانخفاض معدل ظهور بعض الأورام، ومنها أورام الجهاز
المناعى المعروفة بالليمفوما.
ومن الدراسات التى نشرت حول هذا الموضوع، ما أعده باحثون فى جامعة جرينوبل الفرنسية، حيث أظهروا دور الصيام المتقطع فى خفض معدل حدوث بعض الأورام الليمفاوية إلى الصفر تقريباً، بحسب تجارب أجريت على الثدييات، مقارنة مع المجموعة التى لم تخضع لنظام الصوم المتقطع.
ومن وجهة نظر الباحثين فإن للصيام دوراً فى تنشيط بعض الآليات فى الجسم، ما أسهم فى تراجع معدل ظهور الأورام السرطانية، مؤكدين عدم ارتباط ذلك بمسألة انخفاض السعرات الحرارية، كما أظهرت دراسات أجريت فى المجال ذاته، أن الصوم يرفع من معدل النجاة بين الأفراد، ممن يعانون من إصابات فى نسيج الكبد، والتى تمتلك قابلية للتحول إلى أورام فى المستقبل.
الصوم يحارب الشيخوخة
ولا تقتصر فوائد الصوم على محاربة الأمراض المزمنة، بل تتعدى ذلك إلى إبطاء زحف الشيخوخة على خلايا الدماغ، حيث أظهرت دراسات علمية دور الصوم، فى تأخير هرم الخلايا الدماغية، ومساهمته فى إبطاء نشوء مرض الزهايمر.
وفى هذا السياق كشفت دراسة أجراها المركز القومى لبحوث الشيخوخة فى الولايات المتحدة الأمريكية، عن تأثير محتمل للصوم، وبعض الحميات التى تنخفض فيها السعرات الحرارية إلى النصف تقريباً، فى تأخير هرم الأنسجة الدماغية.
وبحسب الدراسة التى نشرت نتائجها فى دورية "علم الأعصاب الحياتى للأمراض"، أسهم الصوم المتقطع فى حماية الخلايا العصبية من التأثيرات السلبية لبعض البروتينات، التى ترتبط بعلاقة مع مرض الزهايمر. وخلصت الدراسة التى استهدفت نماذج حيوانية من الثدييات إلى أن الصوم أو خفض السعرات الحرارية التى يتناولها الفرد بمقدار النصف تقريباً، يمكن أن يقلل من الخلل الحاصل للوظائف الإدراكية عند الأفراد، والذى قد يحدث عند تقدمهم بالسن.
وكان فريق بحث من نفس المركز أعد دراسة فى السابق، والتى ظهر من خلالها إمكانية الإفادة من التجارب حول الصيام المتقطع، فى تطوير علاجات لأمراض الخرف،
النشاط فى رمضان
وعلى الرغم من أن العديدين يجدون فى الصيام فرصة للجلوس، والتقاعس عن أداء الأعمال والواجبات، إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت أن زيادة النشاط الذى يترافق والصيام فى شهر رمضان، له تأثيرات صحية إيجابية، فقد عمد باحثون من المركز الوطنى للطب وعلوم الرياضة فى تونس، إلى إجراء دراسة على مجموعة من الرياضيين، ممن صاموا شهر رمضان، وحافظوا على أدائهم الرياضى خلال هذا الشهر، وخضوعهم للتدريبات المكثفة الاعتيادية.
وطبقاً لنتائج الدراسة التى ظهرت فى الدورية الدولية للطب الرياضي، تبين أن التغير فى النمط الغذائى الذى تفرضه طبيعة الصيام خلال شهر رمضان، والذى تزامن وممارسة التدريبات أدى إلى حدوث انخفاض واضح للجسم، مصحوباً بتراجع فى كميات الدهون.
كما أظهرت دراسة أعدها فريق من المختصين فى المعهد الأعلى للرياضة والتربية البدنية بمدينة صفاقس التونسية، دوراً هاما للصيام خلال شهر رمضان فى التخلص من الدهون الموجودة بالجسم.
وطبقاً للدراسة التى شملت مجموعة من الرياضيين الذكور، من الصائمين خلال شهر رمضان، والذين خضعوا لبرنامج خاص بممارسة التمارين الرياضية من الدرجة المتوسطة، ظهر أن الصيام يرفع من قدرة الفرد على حرق الدهون أثناء أداء التمارين البدنية.
الكاتب: أمل علام
المصدر: موقع اليوم السابع